تم التحرير بتاريخ : 2019/10/31
الترجمة الأدبية وهي أحد أنواع الترجمة التخصصية والتي تشمل مختلف الأجناس والأنواع الأدبية، كالروايات، القصص القصيرة، الشعر، الخاطرة، المسرحية.
كما تم تعريف الترجمة الأدبية أيضا بأنها فن من الفنون التطبيقية والتي تحتاج إلى امتلاك الموهبة الأدبية والقدرة على الصياغة بأسلوب جيد، وذلك من خلال الشعور بالنص الذي يقوم الطالب بترجمته، وتحتاج الترجمة الأدبية إلى الخبرة والمهارة في ذلك المجال، والتي سيحتاج إلى مدة من الوقت لاكتسابها.
أما الترجمة بشكل عام فقد عرفت الترجمة بأنها العلم الذي ينقل من خلاله الأبحاث العلمية، والكتابة الأدبية بين اللغات العالمية، بحيث تستطيع كل حضارة الاطلاع على إنتاج وإبداع الحضارات الأخرى.
ولقد عرفت الشعوب منذ العصور القديمة الترجمة، حيث قام اليونانيون بترجمة علوم الفراعنة، كما قام العرب في عصرهم الذهبي بنقل العلوم اليونانية والفارسية والهندية إلى اللغة العربية، وفي العصر الحديث بنت أوربا نهضتها على ترجمة الكتب العربية التي أبدعها العلماء العرب في مرحلة القرون الوسطى عندما كانت أوربا تغط في جهل كبير.
ويوما بعد آخر انقسمت الترجمة إلى أنواع عديدة ولكل نوع من هذه الأنواع وظيفة يؤديها في نقل المعلومات بين اللغات، ومن أبرز هذه الأنواع الترجمة الأدبية والترجمة الأكاديمية، وفي رحاب هذا المقال سوف نتناول الترجمة الأدبية لنتعرف عليها، وعلى المشكلات التي تواجهها.
ما هي سمات الترجمة الأدبية؟
الترجمة الأدبية وهي الترجمة التي يقوم الباحث من خلالها بنقل النصوص الأدبية من لغة إلى أخرى مستخدما الأسلوب الأدبي والفني في الترجمة.
وتتسم الترجمة الأدبية بالحرية، حيث مهمة المترجم أن يقوم بإيصال الفكرة التي قام الكاتب الأصلي بكتابتها بأسلوبه الخاص.
لا تفرض الترجمة الأدبية على المترجم أن يتقيد بالموضوعية وترتيب الأفكار، وذلك لأن هناك مصطلحات لو تمت ترجمتها بشكل حرفي لاختلف معناها عن المعنى الذي يريده الكاتب الأصلي للنص.
ولكي يقوم المترجم الأدبي بترجمة نص بطريقة صحيحة يجب عليه أن يقوم بقراءة النص عدة مرات قبل أن يبدأ في عملية الترجمة، وذلك لكي لا يتسرع في الترجمة.
ولن تكفي قراءة النص عدة مرات حتى تتم الترجمة بشكل سليم، بل يجب على المترجم أن يلم بحياة كاتب النص الأصلي، ويجب أن يتعرف على الأسباب التي دفعته لكتابة النص.
كما يجب أن يكون المترجم الأدبي مطلعا على ثقافة بلد الكاتب الأصلي، ويعرف تفاصيل اللغة التي يقوم بالترجمة منها، ويعرف ماذا يقصد الكاتب في كل كلمة كتبها.
بالإضافة إلى ذلك فإن الترجمة الأدبية تتطلب أن يتمتع المترجم بالموهبة الأدبية وقدرة على صياغة النص بأسلوب جذاب ومميز بحيث يشجع القارئ على قراءة النص الأدبي.
كما يجب أن يتحلى المترجم بالأمانة أثناء قيامه بعملية الترجمة الأدبية، فلا يجب عليه أن يقوم بحذف معلومات من النص أو إضافة معلومات لم يقم الكاتب الأصلي للنص بكتابتها.
وتختلف طريقة وأسلوب الترجمة الأدبية باختلاف الجنس الأدبي الذي يقوم المترجم بالترجمة منه، فترجمة المسرحية تختلف تماما عن ترجمة الخطاب، والتي تختلف بدورها عن ترجمة الرواية.
ولكي يقوم المترجم بتقديم ترجمة أدبية متميزة يجب عليه أن يكون مطلعا على الموضوع الذي يريد ترجمته، ولديه الخلفية الثقافية عنه.
ما هي المشكلات والصعوبات التي تواجهها الترجمة الأدبية ؟
إن الترجمة الأدبية ليست أمرا بسيطا وسهلا كما رأينا بل تحتاج أن يمتلك الباحث خبرة كبيرة في مجال الترجمة حتى يقدر على ترجمة نص أدبي واحد.
وتواجه الترجمة الأدبية مجموعة من المشكلات والتي يجب أن يمتلك المؤهلات لكي يتجاوزها، ومن هذه المشاكل أن الكتابة الأدبية لا تتوافق في كل الأحيان مع القواعد اللغوية، حيث قد يخالف الشاعر قواعد اللغة في بعض قصائده وأشعاره وتعد هذه المخالفة للضرورة الشعرية، لذلك يجب أن يمتلك المترجم القدرة على معرفة الأماكن التي خالف فيها الأديب قواعد اللغة، وفهمه القصد من وراء مخالفته لقواعد اللغة، وإلا فإنه لن يكون قادرا على ترجمة النص الأدبي.
كما تعد مشكلة نقل الصور بين اللغات من أبرز المشاكل التي تعاني منها الترجمة الأدبية، فقد يوفق المترجم في نقل الصور المألوفة من لغة الكاتب إلى اللغة التي يترجم إليها، لكن في حال وجد في النص الأدبي الذي يقوم بترجمته جمل أبدع فيها الكاتب في خياله، وقدم صورا لا يستطيع المترجم نقلها إلى اللغة الأخرى لأسباب دينية أو سياسية أو غيرها عليه في هذه الحال عن أن يبحث عن صور توافق لها، وتعد هذه من أبرز الصعوبات التي يمر بها المترجم.
ومن أبرز الصعوبات التي يتعرض لها المترجم الأدبي صعوبة نقل النظام الموسيقي والإيقاعي، فقد يقوم أحد المترجمين بترجمة قصيدة شعرية من اللغة الإنكليزية فيحاول أن يترجمها وفق قواعد القصيدة العربية فيجعها وفق نظام الشطرين، ويفرض عليها بحرا واحدا الأمر الذي يؤدي إلى تقييد القصيدة واختلاف المعنى، لذلك فإن على المترجم أن يمتلك الحس الموسيقي ليكون قادرا على نقل إيقاعات القصيدة من لغة إلى أخرى دون أن يأسرها في إيقاعات اللغة التي يترجم إليها.
كما تعد ترجمة الألفاظ، وبخاصة تلك الألفاظ المجردة من أبرز الصعوبات التي تواجه المترجم، حيث من الصعب جدا أن يكون قادرا على ترجمة العواطف والأفكار والانفعالات بشكل دقيق، وذلك لأن هذه الأمور قد تحتمل معاني مختلفة، وقد يترجمها المترجم بحسب الناحية التي تميل لها نفسه.
ويعد الاختلاف الحضاري بين الحضارات من الأمور التي تزيد من صعوبة الترجمة، وذلك لأن المترجم قد يقوم بنقل معلومات متطورة من دول متقدمة إلى دول العالم الثالث، ويكون هو عارفا لما تعنيه، لكن الناس في دول العالم الثالث لن تكون قادرة على فهم كلامه، لذلك يجب أن يمهد لهم بشكل تدريجي بالحديث عن أمور مألوفة لديهم، ويستطيعون فهمها.
ومن الصعوبات التي تواجه المترجم ترجمة التراكيب البلاغية، فيحتار في ترجمة الشعر أيترجمه شعرا أم نثرا، وفي حال قام بترجمته شعرا أيترجمه حسب نظام الشطرين، أم حسب نظام شعر التفعيلة.
وتعد ترجمة النغمة في النص الأدبي من أكبر المشكلات التي يتعرض لها المترجم، لذلك يجب أن يكون المترجم قادرا على التمييز في النص الذي بين يديه أهو جدي أم هزلي، وذلك لكي يقوم بجعل النغمة متوافقة مع النص، فليس من المعقول أن يقوم بترجمة نص هزلي بنغمة جدية.
كما يواجه المترجم مشكلة في نقل المعنى الشعري، وذلك نظرا لاختلاف القواعد الشعرية في كل لغة، لذلك من الأفضل أن ينطلق المترجم من روح ثقافة اللغة إلى النص ثم إلى الجملة ثم إلى الكلمة كي يقدر على تقديم ترجمة جيدة للنص الشعري.
وهكذا نرى أن الترجمة الأدبية ليست بالأمر والسهل، بل تحتاج إلى عدد من الشروط التي يجب على الباحث أن يلتزم بها خلال ترجمته للنص، ومن أبرز هذه الشروط الدقة والأمانة، وعدم تغيير المعنى الحقيقي للنص الذي يقوم بترجمته، وأن يكون ممتلكا للخلفية الثقافية حول الموضوع الذي يقوم بترجمته، كما يجب أن تكون لديه الموهبة الأدبية اللازمة لصياغة النص بطريقة مميزة.
بالإضافة إلى ذلك فإن المترجم يواجه صعوبات كبيرة أثناء قيامه بعملية الترجمة الأدبية، وبخاصة الصعوبات التي تتعلق بترجمة الأشعار والقصائد.
وفي الختام نرجو أن نكون وفقنا في تقديم معلومات مهمة وضحنا من خلالها كل ما يتعلق بالترجمة الأدبية.
تنسيق الرسائل العلمية