تم التحرير بتاريخ : 2021/02/25
تعتبر الصحة النفسية بمعناها الواسع توجيه الأفراد إلى فهم حياتهم والتغلب على مشكلاتهم حتى يستطيعوا أن يحيوا وأن يحققوا رسالتهم كأفراد متوافقين مع المجتمع، ونظراً لما تمثله الصحة النفسية من أهمية كبيرة للعمال من الناحية الاقتصادية والإنسانية على حد سواء، نجد أن العديد من الدراسات والبحوث اهتمت بالصحة النفسية والدور الكبير الذي تلعبه في زيادة أداء العامل في المنظمة، فهي تعتبر العامل الرئيسي في زيادة إنتاجية العامل وعطاءه في المؤسسة وهي أساس التوافق والكفاية، وهذا ما سنتطرق إليه في هذا البحث باعتباره المتغير المستقل
للدراسة، وللتعرف عليه أكثر تطرقنا كذلك إلى تعريف الصحة النفسية والعوامل المؤثرة على الصحة النفسية ومعايير ومظاهر الصحة النفسية.
يمكن إجمال التعريفات المقترحة للصحة النفسية في:
التحليل النفسي: تركّز هذه النظرية على الخبرات في مرحلة الطفولة، بحيث يمكن تعريف الصحة النفسية بأنها القدرة على الحب والعمل والاستمتاع بالعمل الخلاّق، فالصحة النفسية وفقاً للتحليل النفسي هي تفاعل ديناميكي خلاّق بين هذه المكونات جميعها.
الاتجاه السلوكي: تعرّف المدرسة السلوكية الصحة النفسية بأن يأتي الفرد بالسلوك المناسب في كل موقف حسب ما تحدده الثقافة والبيئة التي يعيش في كنفها، فالسلوكية تعتبر البيئة المنزلة الأولى، وهي من أهم العوامل التي تعمل على تكوين الشخصية.
الاتجاه الإنساني: الصحة النفسية هي تحقيق الذات فصاحب الشخصية السوية يتميز بخصائص معينة بالقياس إلى غير السوي.
القاسم المشترك الذي يجمع بين هذه التعريفات جميعاً من الناحية العملية هو الاتفاق على ثلاث نقاط رئيسة هي، أن الصحة النفسية ليست مرادفاً للاطمئنان أو سلامة العقل، وهي ليست غياب الصراعات الانفعالية والوجدانية، ولا تعني أيضاً التكيف والتوافق بمعنى المسايرة والتمسك بالتقاليد.
التوافق الشخصي: هو مجموعة الاستجابات المختلفة التي تدل على تمتع الفرد وشعوره بالأمن الشخصي، واعتماده على نفسه وإحساسه بقيمته وشعوره بالحرية في توجيهه السلوك دون سيطرة الغير والشعور بالانتماء والتحرر من الميل إلى الانفراد والخلو من الأمراض العصابية وكذلك شعوره بذاته ورضاه عن نفسه وخلوه من علامات الانحراف النفسي.
الإحباط: هو مواجهة الفرد لما يمنعه أو يعيقه في تحقيق أهدافه وإشباع دوافعه، وهو أيضاً انفعالية ودافعية يشعر بها الفرد عندما يجد ما يحول دون إمكانيته لتحقيق ذاته أو غاياته.
العدوان: هو سلوك يُوجه نحو الغير، الغرض منه إلحاق الضرر النفسي والمادي، وقد يوجه نحو الذات فيلحق الضرر بها.
القلق: نوع من الانفعال المؤلم يكتسبه الفرد ويكونه خلال المواقف التي يصادفها، فهو يختلف عن بقية الانفعالات غير السارة لما يسببه من تغيرات جسمية داخلية يحس بها الفرد، وأخرى خارجية تظهر على ملامحه بوضوح.
الصراع النفسي: هو تعرض الفرد لقوى متساوية تدفعه باتجاهات متعددة وتجعله عاجزاً عن اختيار اتجاهاً معيناً، ويترتب عليه الشعور بالضيق وعدم الارتياح والقلق.
الأسرة: الطفولة السوية تؤدي إلى رجل سوي، والأسرة هي التي تضع نواة وأسس شخصية الفرد في السنوات الخمس الأولى من حياته، فإذا كانت هذه الأسس سليمة شب لنا الأفراد الأسوياء، وقد يعاني العاملون من عدم القدرة على التوافق الحسن نتيجة ما اكتسبوه من داخل أسرهم من صفات سلوكية شاذة.
المدرسة: العامل الذي عاش في طفولته عدداً من السنوات في مدرسة يسودها جو من النظام والانضباط والحرية والديمقراطية يقوده معلمون جيدون سيكبر متحلياً بهده الصفات الصالحة التي تجعل منه إنساناً ناجحاً في عمله مما يدعم صحته النفسية.
طبيعة العمل: طبيعة العمل الذي يمارسه العامل من العوامل التي تؤثر على سلوكه، فهناك مهن يضطر العامل فيها إلى التعامل مع أشخاص من ذوي السلوك السيء أو مع أشخاص من بيئات اجتماعية معينة، وهذا يؤدي إلى سوء تكيفه وبالتالي سوء صحته النفسية.
ظروف العمل: لكل عمل ظروفه الخاصة به، فمن الأعمال ما يُؤدى في مكان نظيف مكيف الهواء، ومنها ما يؤدى في مكان شديد الحرارة، ومنها ما يؤدى في مكان جوه مليء بالشوائب والأتربة، فإذا كانت ظروف العمل صعبة وغير مناسبة للفرد ولحالته الصحية، فهذا سيؤدي إلى عدم الارتباط بهذا ا العمل وعدم حبه له وعدم الرغبة في بذل الجهد فيسه مما يؤثر تأثيراً سيئاً على سلوك العامل وعلى صحته النفسية والعكس صحيح.
القيم المرتبطة بالعمل: العاملون في الأعمال التي تُقابل بالاحترام وتقدير الآخرين يسعدون بهذا العمل ويرضون عنه ويسلكون السلوك الذي يتناسب ومكانتهم الاجتماعية كالمهندسين والقضاة والأطباء ورجال الأعمال وكبار الموظفين، أمّا الذين يعملون أعمالاً لا تُقابل بالتقدير والاحترام فهذا يجعلهم غير سعداء وغير راضين عنه، مما يؤثر تأثيراً سيئاً على تكيفهم وصحتهم النفسية.
حاجات العاملين ومدى إشباعها: إن سلوك الأفراد وصحتهم النفسية يتأثران بمدى إشباع حاجاتهم، فالعامل الذي لا يستطيع إشباع حاجاته الأساسية لانخفاض أجره مثلاً تكون مشكلاته السلوكية كثيرة، ويكون اهتمامه منصباً على البحث عن وسيلة مشروعة لإشباع هذه الحاجات، هذا بجانب إحساسه بالإحباط والفشل مما يؤدي إلى العدوان أو الانطواء أو عدم المبالاة في عمله، وهذه من سمات سوء الصحة البيولوجية والنفسية والاجتماعية.
المعيار الإحصائي: أي ظاهرة نفسية عند قياسها إحصائياً تتوزع وفقاً للتوزيع الاعتدالي، بمعنى أن الغالبية من العينة الإحصائية تحصل على درجات متوسطة في حين تحصل فئتان متناظرتان على درجات مرتفعة ودرجات منخفضة، وبهذا المعنى تصبح السوية هي المتوسط الحسابي للظاهرة في حين يشير الانحراف في طرفي المنحى إلى اللاسوية، فالشخص اللاسوي هو الذي ينحرف عن المتوسط العام للتوزيع الاعتدالي.
المعيار الذاتي الظاهري: السوية تتحدد هنا من خلال إدراك الفرد لمعناها، فهي كل ما يشعر به الفرد ويراها من خلال نفسه، فالسوية هنا إحساس داخلي وخبرة ذاتية، فإذا كان الفرد يشعر بالقلق وعدم الرضا عن الذات فإنه يعد غير سوي.
المعيار الاجتماعي: تتحدد السوية في ضوء العادات والتقاليد الاجتماعية، حيث تكون السوية مسايرة للسلوك المعترف به اجتماعياً.
المعيار الباطني: هو معيار يجمع بين مزايا معظم المعايير السابقة، فالحكم ليس خارجياً، كما أنه ليس ذاتياً، إنما يعتمد هذا المعيار على أساليب فاعلة تمكّن الباحث قبل أن يصدر حكمه من أن يصل إلى حقيقة شخصية الإنسان الكامنة في خبراته الشعورية واللاشعورية.
الاتزان الانفعالي: هو حالة من الاستقرار النفسي، حيث يكون الفرد مزود بالقدرة على التكيف مع المثيرات المختلفة وهذه القدرة هي سمة الحياة.
الدافعية: هي التي تدفع الفرد للقيام بنشاط معين، وهي القوة المحركة والموجهة لنشاط الفرد نحو تحقيق أهدافه.
الشعور بالسعادة: المتمثل في اعتدال المزاج، والتعبير بالرضا عن الحياة.
التفوق العقلي: حيث أن الطاقة العقلية للإنسان تعد مظهراً من مظاهر الصحة النفسية.
غياب الصراع النفسي الحاد: الداخلي والخارجي
النضج الانفعالي: بحيث يعبّر الفرد عن انفعالاته بصورة متزنة بعيدة عن التعبيرات البدائية والطفولية.
التوافق النفسي: المتمثل في العلاقة المتجانسة مع البيئة، حيث يستطيع الفرد الحصول على الإشباع اللازم لحياته مع مراعاة ما يوجد في البيئة المحيطة من متغيرات.
في مجال العمل: الصحة النفسية تساعد على تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، فمن أهداف الصحة النفسية بناء شخصية متكاملة بحيث يقبل الفرد على تحمل المسؤولية مستغلاً طاقاته إلى أقصى حد ممكن، ولكي يتحقق ذلك يجب تحقيق التوافق النفسي والشخصي والاجتماعي.
في مجال الأسرة: العلاقات السوية بين أفراد الأسرة تؤدي إلى نمو الطفل نمواً سوياً، حيث تشكل صحة الأبوين النفسية أهمية كبيرة لتماسك الأسرة وسعادتها، مما يساعد على خلق جو ملائم لنمو شخصية الأبناء.
في مجال المدرسة: العلاقات السوية بين الإدارة والمدرسة تؤدي إلى النمو النفسي السليم للتلاميذ، والعلاقة الجيدة بين المدرسة والبيت تساعد على رعاية النمو النفسي للطفل.
ما يمكن استخلاصه في النهاية أن للصحة النفسية أهمية كبرى في حياة الإنسان، فهي تساعده على التوافق السليم والناجح في شتى مجالات الحياة، وبالتالي إذا توافق الفرد مع ذاته ومجتمعه سيعود بالإيجاب على أداء عمله أداءً جيداً وسيثمر إنتاجاً أوفر مما يساعد المؤسسة على الرقي والتطور.
للحصول على مقترحات لعناوين بحوث في تخصصات آخرى تواصل مع فريق العمل من خلال خدمة اقتراح العناوين لرسائل الماجستير والدكتوراة .
تنسيق الرسائل العلمية